العنوان الجاذب والفكرة الرائعة الجديدة، سببان جعلاني أشتري هذا الكتاب وأخاه الأكبر"ثورة الفن" قبل شهر من اليوم تقريبًا.
كتابان خفيفان لطيفان أبدعهما الكاتب الرائع أحمد مُشرِف
كان من الأولى أن أبدأ بكتاب ثورة الفن لأنه الأقدم، إلا أنني كنت قد اقتنيت وهم الإنجاز من مكتبة "كيندل" وبدأت به أولًا، ثم اهتبلت فرصة معرض الكتاب الماضي، وبحثت عن كتاب ثورة الفن واشتريته.
من نافلة القول أن أخبركم أنني استمتعت بقراءة كلا الكتابين، واستفدت منهما، وإلا لما كتبت عنهما.
حرّضا فيّ رغبة العمل، وشعرت أن عضلة الإنجاز عندي قد تحركت بعد فتور.
أعترف أنهما استفزاني للإنجاز والكتابة. وهذا من أهم ما يقوم به الكاتب حيث أنه ينشر أفكارًا كالبذور ستثمر يومًا ما في حياة حياة شخص ما.
لعلي أرجئُ الحديث عن كتاب ثورة الفن اليوم، وأتكلم عن كتاب: وهم الإنجاز.
"الكتاب باين من عنوانه"
مقولة تنطبق على كتاب وهم الإنجاز.
إذ يخبرنا الكتاب فيه أن عامة الناس يُقنعون أنفسهم بأشياء وهمية يعتبرونها إنجازًا، وهي في الحقيقة ليست كذلك.
يعدّ أحدهم نفسه مُنجزًا إذا صور كتابًا قبل أن يقرأه، أو لعله لم يجاوز مقدمته، أو اكتفى بالرسالة التي تكون على الغلاف الخلفي للكتاب.
الحقيقة أنني كنت أفعل هذا الأمر أحيانًا😅😁 وأصوّر كتابًا أو اقتبس منه، وأنا لم أقرأ منه إلا نزرًا يسيرًا.
وإن كنت في مرات كثيرة أرجع وأقرأ الكتاب أو جزءًا كبيرًا منه.
هذه الفكرة جعلتني لا أكتب تعليقي على الكتاب أو أصوره إلا بعد أن انتهيت منه.
ما علامات واهمي الإنجاز؟
لو اطّلعتَ على هاتف أحد واهمي الإنجاز لرأيت مكتبة الاستديو عنده مليئة بصوره "السيلفي" مع ثلة من المشاهير. فنانون، ولاعبون، وكتّاب، أو ربما قادة وزعماء. يحفظها عنده، ثم ينشرها في جميع حساباته.
لكن لماذا؟ ماذا يريد أن يقول لنا؟
باختصار، هو يستبطن فكرة مفادها: أنني مهم ولذلك حظيت بصورة مع أُناسٍ مهمين.
وربما جاوز حالة الفخر والخيلاء هذه، فانتقل إلى الكبر وغمط الناس، إذا اعتقد أنه أهمّ منهم لأنه يستطيع مقابلة أشخاص لا يمكنهم الوصول إليهم.
هذا وهم إنجاز كما يقول المؤلف. بل هذا ليس إنجاز أصلًا! والتسمية الأقرب له هي: "الفشخرة والكلام فاضي"!
نعم لا مانع من التقاط صور مع المشاهير، وخاصةً من تحترمهم وتحبهم من قلبك فعلًا، شريطةَ ألا تعدّ نفسك قد حققت شيئا مهمًَا. فضلًا عن أن تتكبر على الآخرين أو تفتخر عليهم بشيء كهذا.
الدافع العميق وراء هذا الأمر أننا نفتقر إلى الشعور بالمكانة الاجتماعية والشأن.
نحن نبحث عن الحب والتقدير والاهتمام من خلال مشاركة الغير ما نفعله خلال يومنا.
تصوير الأكل مثلًا، أو الكتب التي سنقرأها، أو الملابس الجديدة التي اشتريناها. وينطبق هذا على أي شيء نُشاركه فقط من أجل إخبار الآخرين عنه، وليس من أجل مشاركتهم الفائدة منه.
يظلّ تصويرُ الكتب التي عندنا على الرف أسهلَ من قراءتها، وتلخيصُها وتجهيزها كمحتوىً جيد يستفيد منه الآخرون، أصعبَ من مجرد قراءتها.
طبيعة الإنسان -الذي خُلق من عجل- تقودُه لتحقيق أكبر النتائج ببذل أقل الجهود.
ابتداءً من شيء يسير كإيقاف السيارة في موقف غير مناسب أو مخالف لأنه أقرب وأسرع ولا يُتعبنا، وانتهاءً بشيء كبير كخسارة فاجعة في سوق الأسهم جاءت محاولة لربح سريع دون عمل.
في الكتاب أفكار كثيرة وأمور يصعب شرحها في تعليق يسير كهذا الذي بين أيديكم، أُفضِّل لمن أرادها أن يرجع لها بنفسه.
تكلم الكتاب -وإن شئت قل: الكاتب- عن الأثر. وكيف يمكن أن يترك الإنسان أثرًا حقيقيًا؟
وسأل سؤالًا واضحًا صادمًا يقول: "اسأل نفسك: لو توفاني الله بعد مدة، ومَـرّ على وفاتي أسابيع قليلة، هل سيفتقدني أحد؟؟"
لا يشترط أن يكون هذا "الأحد" مُريدًا لك أو فردًا من جمهورك. كلا، بل أهم من يجدر بهم افتقادك هم أهلك، وجيرانك وزملاؤك، ومن وَصلَهُم أثَر عملك وإنجازاتك.
فإن كان كل هؤلاء لا يفتقدونك فتوقف مباشرة⛔️ وراجع حساباتك كلها.
فالأغلب أنك تعيش حياة هامشية، أو أنك متقوقع لا ترى إلا مصلحتك ورغباتك فقط.
أَعلمُ أن جزءًا من كلامي السابق لم يرد في الكتاب. لكنني شاهدت بعض لقاءات الكاتب الجميل أحمد مشرف على اليوتيوب، وعَلِق في ذهني أشياء منها، أحببت ألا تفوتني هنا فهذا أوان ذِكرها.
كما أنني أكتب تعليقًا لطيفًا على طرة الكتاب، لا أكتب تلخيصًا ولا مراجعة.
وهم الإنجاز هو ما نفعله طلبًا لتقدير الآخرين، وقلقًا منّا لنيل مكانة في المجتمع.
وهم الإنجاز هو إدمان الاطلاع على الإشعارات و الرسائل وخاصةً إن أرسلنا شيئًا نبتغي منه ردًا.
هو إغراق الواتس برسائل جماعية وعظية -تكثر يوم الجمعة- لنيل الثواب بسهولة. رسائل دينية مكررة بُغية كسب الأجر بسرعة وسهولة -وإن كان فيها طبعًا أجر وثواب وفضل الله واسع- نعتقد من خلالها أننا أنجزنا ما علينا.
وننسى أننا تجاهلنا اللازم، والأعمال التي لا تقوم إلا بأهلها. كرعاية من نعول، أو المهمات من الأمور التي أجرها أكبر ونفعها أكثر. كالاجتهاد في رفعة أنفسنا وأوطاننا وأمتنا.
مبدأ العمل العميق من أهم الأفكار التي جاءت في ثنايا هذا الكتاب.
تكلّمَ عنها باستفاضة كال نيوبورت في كتابه #Deep_Work "ديب وورك" أي: العمل العميق، وهو من أهم مراجع الكتاب.
شدني موضوع العمل العميق فبحثت عن كتاب كال نيوبورت ولحسن الحظ وجدته في مكتبة كيندل😍
الخلاصة:
الإنجاز الحقيقي صعب ويحتاج إلى كثير من الجهد، لكنه ليس مستحيلًا، وهنا يكمن الفرق الأهم بين وهم الإنجاز والإنجاز الحقيقي.
قال أبو الطيب المتنبي:
لَولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ
الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ
قيّمت الكتاب بــنجمات خمس ⭐️ على "قودريدز" ولم أبالِ.
طبعًا، فأنا لست من الذين يتحذلقون، ويقيسون نجومهم الوهمية بميزان الذهب😁😅
وإن كان المؤلف كما أذكر لا يقرأ التقييمات على قودريدز لأنها قاسية لاترحم"😡
يقول بلال فضل في حلقته مع فنجان ثمانية أن بعض الناس في "قود ريدز" يقول: الكتاب ألهمني وغير حياتي!!
ثم يعطيه ثلاث نجمات فقط؟؟ 😂😂
طيب وحياتك الي تغيرت يا باشا؟؟!!!😂😂
لست واثقا من تصنيف الكتاب فربما عدّه القارئ من كتب تطوير الذات والتنمية البشرية، أو السيكولوجيا، أو الاجتماع. لا أدري هو كتاب ممتع ومفيد وكفى.
تزداد قيمة الكتاب في مثل أوقاتنا هذه حيث تعج السوشيال ميديا بكمية فائضة من المحتوى لا قِبَل للناس بها. ولذلك ينبغي لك أن تختار بعناية أين تستثمر أهم رأس مال لديك ألا وهو: الوقت.
شكرً لقرائتك…🩶💛
مقال لذيذ شكرا أستاذ طارق
ردحذف