random
جاري التحميل ...

أكتب عن فلسطين


سامر رجل يبلغ من العمر 50 عامًا، أخذ كيسًا من النايلون، وخرج إلى مكان قريب منه يجمعُ أشلاء أطفاله.

عذرًا، فهذه قصة حقيقية وليست قصة فيلم سينمائي مرعب!
أعلم أيها القارئ أنك لو لم ترَ هذه المآسي بعينك، لطلبت مني أن أحلف لك أن ما قلته حدث حقيقةً.
لكننا جميعًا شهدنا ذلك بأم أعيننا وليتنا لم نشهده.

قبل يومين قصفت قوات الاحتلال الصهيونية مستشفى في غزة.
المستشفى الأهلي المعمداني الذي أُسَس قبل مئة وأربعين سنة، والذي لم يكن له من ذنب إلا أنه آوى المستضعفين والمرضى من الفلسطينيين ومن أهالي غزة.

نشر حساب الأمم المتحدة على إكس (تويتر) عبارة على خلفية سوداء تقول: «المستشفيات ليست هدفًا.»

يحدث هذا في عام 2023م، بعد أن قضت الأمم المتقدمة -زعموا- وتَبِعتها البشرية، أحقابًا طويلة تردّد أن كل إنسان له حقوق، وأن الدماء محترمة بلا تمييز، وأن الحريات مكفولة لكل إنسان بشرط ألا يتجاوز على حريات الآخرين وكرامتهم.
لا ندري، ربما كان تعريف تلك الأمم للـ"إنسان" مختلفًا عما نفهمه نحن البدائيون!؟
ربما قصدوا أن "الإنسان" يجب أن يكون من عرق ما، أو ثقافة ما حتى تصح تسميته بالـ"إنسان"؟!
لا كما نفهم نحن أن كل فرد من ذرية آدم يُسمَى إنسانًا!؟


قالت الخارجية السعودية: "إن على المجتمع الدولي أن يتخلى عن ازدواجية المعايير والانتقائية في تطبيق القانون الإنساني الدولي عندما يتعلق الأمر بالممارسات الإسرائيلية الإجرامية".

هذه الممارسات الجائرة التي تتخذها بعض الدول، تُـنذر بعالَم ظالم منافق لا يحترم العهود والمواثيق. يَسُنّ القوانين بالنهار وينقضها بالليل.
وليته نقضها مستترًا خجلًا، بل هو يجاهر بذلك، ثم لا يستحي أن يُحمَل الضحايا مسؤولية كونهم ضحايا!
مؤلم والله هذا الأمر. يزيد المغبون قهرًا، والمكلوم حقدًا.


كان من المزمع عقدُ قمّة رباعية في العاصمة الأردنية عَمّان في اليوم التالي للمجزرة (18 أكتوبر)، تجمعُ بين عدد من قادة الدول العربية، والرئيس الأمريكي جو بايدن لـ «بحث التطورات الحاصلة في قطاع غزة». لكنّ حكومة الأردن قررت إلغائها. وقد شرحَ وزير الخارجية الأردني في وقتٍ لاحقٍ موقف دولته بالقولِ إنّ "القمة ستُعقد حين سيكون قرارها وقف الحرب ووقف هذه المجازر".
نعم، فما الفائدة من قمة يُعاد فيها المكرور ويُطحن فيها الطحين!؟


تقول القصة المسيحية أن الزيتون كان حلو المذاق، وقد انقلب مرًا بعد ليلةٍ بكى فيها المسيح وحيدًا.
حيث سقى أشجارَ الزيتون آلامَهُ فسكنَتْها المرارةُ منذ ذلك اليوم.
بالمناسبة، يقع مشفى المعمداني في حي "الزيتون" أيضًا، فلا عجب اليوم أن الزيتون سيزداد مرارة.


فلسطين جرح قديم لا زال ينزف. يَنكأُه كل عام قصة محزنة تملأ حياتنا كآبة وشؤمًا. جُرحٌ متقيح أعيا الأطباء علاجه، وصار علامة ظاهرة على عجزهم وإفلاسهم أبد الدهر.

والله إن الحزن يعتصر قلوبنا وإن العجز ليتمثّل لنا في كل شيء، كأننا نحن القتلى لا هم!
إنّ هزيمتك من كيانٍ قليلٍ ذليلٍ كالكيان الصهيوني، تعني حزنًا أشدّ وأقسى، وغبنةً تأتيك بالربا مضاعفًا في كل مرة.

منظر الأطفال والنساء والقتلى لا ينسى...
هذه المصائب هي التي تُـذكي نار العداوة وتهدم الإنسانية بين الشعوب، وتجعل الحقد والغل بين البشر ينمو يومًا بعد يوم.

أرض مغتصبة وشعب جريح وعالم يرضى ويسكت، وبعضه يبارك ويفرح. أليس هذا عينَ الظلم والطغيان؟!

يقول أخي الأكبر عبدالمحسن -صدق لسانه-:

تَعجزُ الأحرفُ عن صَوْغِ المعاني
للذي حلَّ بمشفى المَعمداني!

للأسى بات حديثاً مؤلماً
عن بكاء الأم أو طفلٍ يُعاني..

أو طبيبٍ صار يشكو جُرحَه
لمريضٍ ثم مات الشاكيانِ..

أو أبٍ يجمع أشلاءَ ابنِه
وهْو يبكي من مرارات الهوانِ


وبعد هذه الملحمة كلها، يُضاف لظلم الاعتداء، ظلم الاتهام!
فُيزعم أن قصف المستشفى كان من أهل غزة أنفسهم!! وأن التنظيمات المسلحة الفلسطينية قتلت أطفال الإسرائيليين بالأمس، واليوم تقتل أطفال الفلسطينيين.

والله إنّا نشعر بالعجز والظلم المُبين، ونعلم أن مشاعرنا أعظم من كل حرف يكتب، أو قصة تروى.

اللهم رحمةً منك، وانتقامًا لعبادك، ودينك، ومسرى نبيك، وقصاصًا من هؤلاء المجرمين القتلة...

عن الكاتب

Tariq Al Khamis

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

طارق الخميس