random
جاري التحميل ...

فارس الأحلام

تظن نفسك قويًا قادرًا، تعتقد أنك لا تهزم.
يحدث هذا في الليل، وحدك على مخدتك الوثيرة وفراشك الأنيق. هناك تحقق ذاتك، وتصير بطلًا مغوارًا في ميدان خالٍ. تحدث نفسك بما ستصنع، وربما رفعت صوتك وحركت شفتيك، تشهق خوفًا من أن يكون أحد قد قرأ شفتيك أو التقط كلامك. نعم أنت شجاع لكنك لست متهورًا!؟

تشعر بسهولة المهام الملقاة على عاتقك، تعابثها تسخر منها، تتمنى لو طلع الصبح بسرعة لتنجز كل شيء في لمح البصر. ترسم السيناريو في خيالك دقيقًا واضحًا مباشرًا، تتابع قائمة مهامك اليومية المنجزة تتساقط الواحدة تلو الأخرى.

تتخيل ذلك الرجل البغيض الذي أهانك بين أصحابك، الذي شتمك وسلب حقوقك بكل وقاحة. هربت منه في الواقع، وانتقمت لكرامتك بالشكوى الخجولة لأصحابك المقربين. لكن، من يهتم للواقع!؟

تبحر بخيالك، وتتصور. ذلك الرجل، وأنت تقف أمامه، وترد له الصاع صاعين، وُتسمعه الكلام الذي تخبئه لأمثاله. تلهث وتتعرق ويحمر وجهك، وربما أخذك الحماس وأشرت بيدك كأنك تهدده. تزفر بغضب: هذا السافل الوغد "ما يمشي إلا بالعين الحمراء" تشعر بالرضا بعد ذلك. تطبق عينيك وقد كحلتهما بالانتقام وتشعر بيد باردة تمسح على قلبك، وتمتن لهدوء الليل، والظلام الذي أعطاك هذه الفرصة.

تنقلب على جنبك الأيسر، نعم هنا المخدة أبرد وألطف، وهذا يشجعك على الاسترسال في خيالك وبطولاتك. تتذكر ما سمعته في حلقة البودكاست الأخيرة عن الإدخار والاستثمار، وتضحك وتبتسم، لأنك ببساطة قررت الآن أن تملك أصولًا مدرة للدخل خلال 3 سنوات فقط، ووضعت خطة سريعة لذلك، نعم قررت الآن وبكل شجاعة ولم يبق إلا إن تمر الأيام في الحياة الواقعية وأنت على تلك الخطة، وهذا شيء سهل فقد اتخذت القرار.

يأتيك هاجس بغيض، تتذكر الصباح الذي تفضح فيه الشمس كل شيء، حتى رغباتك المزيفة وآمالك البلهاء. ترتجف خوفًا، ويأتيك الصوت الداخلي صارخًا مستهترًا: أنت كاذب أنت ضعيف، أنت لا تجيد سوى الخيال، والعيش في عالم من الأحلام. أنا وأنت نعلم أنك تخادع نفسك.

تشعر بغصة، وتحتبس الكلمات على لسانك. ربما لأن الحقيقة عارية وأنت شخص مهذب لا تحب التعري، بل تحب من يأتيك بلباس مزخرف أنيق، ووجهً مملوء بالمساحيق.

تهرب من المواجهة، وتلتقط هاتفك الذكي، تعبث بأي شيء تتصفح الواتساب، لا تجد شيئًا، تسب نفسك لأنك حذفت تويتر، وتتكاسل عن تحميله من الآب ستور من جديد.

تهدأ نفسك بعد أن تدخل اليوتيوب، البحر المتلاطم من الفيديو الذي ستجد ضالتك فيه حتمًا. تتذكر أنك بحثت قبل يومين عن أشياء لا ينبغي أن تبحث عنها، ماذا لو اكتشفها أحد!؟ أنت تعيش وحدك لكن الحذر واجب. تدخل سجل البحث وتمحو ما شئت، ثم تتذكر بحثًا قمت به قبل ذلك ترتجف وتمحو سجل البحث كله.
 أحسن، هذا أضمن. تضع الجوال وتتأفف من الملل، وتتمنى لو أن في جسدك زرًا تضغطه فتنام مباشرة، وتتخلص من هذه الدوامة. غدًا جمعة وعقلك لم يقتنع بضرورة النوم باكرًا، أصحابك الثلاثة الذين لا يعرفك أحد في الدنيا غيرهم لم يجتمعوا اليوم، ولم يرسلوا في القروب!؟


تتذكر أنك تحفظ أقراصًا من البنادول المنوم، تبادر إليها وترفعها إلى فمك، ثم تتذكر كلام الأخصائي أنها لا يجب أن تؤخذ بكثرة أو بدون داعٍ حقيقي، وتردها من بين شفتيك إلى علبتها وأنت تلعن الطب كله الذي لا يخترع شيئًا إلا بآثار جانبية.

تذهب إلى فراشك من جديد وتأخذ الجوال وتبدأ بالتقليب فيه، تنسى همومك وتندمج قليلًا، شعرت بثقل الجوال وبإغماضة سريعة، فرحت جدًا ها قد حل النوم ووثب النعاس، تخلت يدك عن الجوال وسقط على فراشك، لم تهتم وأغمضت عينيك بهدوء وأنت تتمنى أن تحلم كعادتك كل يوم، حيث عالم الأحلام هو عالمك الحقيقي.

عن الكاتب

Tariq Al Khamis

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

طارق الخميس