random
جاري التحميل ...

مسابقة الشخصيات؟

 


قبل أيام معدودات، فتحت الواتساب فإذا الإشعارات كثيرة كالعادة. أحدها كان من قروب عزيز على قلبي، فتحته فإذا سؤال يقول: لو خيروك أي شخص تريد أن تكون في الماضي، فمن ستكون؟ تجاذب الأعضاء اطراف الحديث، وأغلب الإجابات كانت متوقعة، استوقفتني إجابة صديقي أمين التي كانت: الربيع بن خثيم رحمه الله.

الاسم مألوف بالنسبة لي، وأجزم أنني قرأت وسمعت شيئًا عن هذه الشخصية، حيث تحتفظ ذاكرتي بأخبار ضبابية عنه، لا أحققها ولكنها تدور حول العبادة والزهد، وما اتصل منها بسبب قريب. 

مرت علي هذه الشخصية من قبل، وأعرف أنها من تلاميذ عبدالله بن مسعود لكنني لا أعرف عنه الكثير. حفزتني إجابة أمين بالبحث عن هذا الرجل، لا سيما أن صاحب السؤال كان يسأل من يجيب عن السبب الذي من أجله اختار شخصيته، وحين سُئل أمين لماذا اخترت هذا الرجل؟ قال: هذا التابعي الجليل وجدت فيه مما نقل عنه أمرين اثنين:
أما الأول فهو الحكمة.
وأما الثاني فهو سلامة الصدر.



لا أُخفيكم أنني كنت أتوقع أن يُجاب عن مثل هذا السؤال بشخصية من كبار المشاهير كالأنبياء، أو الخلفاء، أو حتى عظام الساسة والقادة، ولم أتوقع أبدًا أن يختار أحد الربيع بن خثيم لكي يكون الشخصية التاريخية التي يتمناها.

ذهبت أبحث عن هذا الاسم العظيم، أبو يزيد الرييع بن خثيم كان من طبقة كبار التابعين، فقد أدرك نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ولم يلقه، لكنه لقي كبار أصحابه، وعلى رأسهم عبد الله بن مسعود فقد لازمه ملازمة شديدة، وأحبه حبًا عظيمًا، وقد بادله عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - الحب أيضًا: قال له ابن مسعود في ذات يوم: "يا أبا يزيد، لو رآك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأحبك، وما رأيتك إلا ذكرت المُخبتين".

تخيل أن تقال هذا الكلمة لرجل لم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف وقد قالها له أحدٍ السابقين للإسلام، الذين يعرفون ما يحب نبينا ومايكره!؟
إن الواحد منا يُسرّ بعشر هذا، وقد لا ينام الليل من فرط نشوته وفرحه.

قرأت بعض أخباره وسيرته وتعجبت من عبادته وحكمته، وسماحة نفسه، وسخائه وحسن خلقه. جمع الله له العبادة والكرم والتواضع والحكمة.

هذا خبر مما قرأت عنه، عجيب في معناه، مباشر في فكرته، نفهم منه شخصية الربيع الواضحة، ومعيار الأعمال عنده وهو رضا الله سبحانه ولا شيء غير الله.

في مصنف ابن أبي شيبة: قال الربيع بن خثيم لأهله :

‏اصنعوا لي طعاماً ، فدعا رجلاً به خبل (أي مجنون) ‏فجعل يُلقِمُهُ
‏فقال أهله : تكلفنا وصنعنا لك طعاماً، ثم أطعمته هذا المجنون الذي لا يدري؟
‏فقال الربيع: لكن الله يدري!


سأتطفل قليلًا على علم النفس الذي أعرف عنه شيئًا يسيرًا، وسأزعم أن تحليلًا بسيطًا لهذا الموقف، يشي بشخصية الربيع، ويخبرنا أن الربيع بن خثيم رحمه الله ذو ثقة عالية واقتناع تام بما يعتقده من آراء، وما يجترحه من أعمال.
 فليس سهلًا على كل أحد أن يفعل مثل هذا الأمر، من دون أن يحمل عبء المنطق الواضح، أو التعليل المباشر. هذا خبر واحد، والشواهد من هذا النوع كثيرة في سيرة الربيع بن خثيم.

رحم الله الربيع بن خثيم وجزى خيرًا كل من أحيا ذكره الطيب.

عن الكاتب

Tariq Al Khamis

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

طارق الخميس