صورة من موقع بيكسباي |
لم يحمِل يومًا سلاحًا ولم يضرب أحدًا، أو يرفع صوته ناهرًا !
مستبشرٌ، دائم الابتسامة، منطلق الوجه، تشعر أن كل ملامحه تُرحّب بك وتُحبّك.
عنده جواز سفر لا يوقَف. مفتاح سحري يلجُ به كل الأبواب المغلقة.
رأيتُه يمزح مع أشخاص مهيبين لا يطمع أكثر الناس بالحديث معهم. يتباسط وإياهم بسهولة وبلا تكلّف، ويُلقي عليهم الكلمة الصعبة والنكتة اللاذعة،
فيضحكون منها، ولا يحملونها إلا على أحسن المحامل.
شخص خاض في أنهار طيبة القلب وسلامة النيّة، حتى إنه لو ضَربَك لظننتَ أنه يمزح!!
ربما أكون مبالغًا لكنني، رأيت فيه ذكاءً عاطفيًا فطريًا لم أره في أحد.
كان واسع الصدر كثير الصلة والرحمة والإحسان. يُحدّثُك حتى تشعرَ أنك صديقه الوحيد، وخِلّه الوفي، ولستَ كذلك.
ضعيف الذاكرة، لا يركّز في صغائر الأمور،وينام بسرعة وبعمق أيضًا!
قد يتخاصم اثنان ويتنازعان ويتقاتلان، وهو قريبٌ منهما كليهما!
وربما ذهب إلى هذا مرةً، والتقى بذاك أخرى، فلا تراهما يتخذانه عدوًا ولا يُطبقان عليه مبدأ "صديق عدوي عدوي"!
بل يفضيان له بما يجدان في قلبيهما، وربما جعلاه رسولًا بينهما. إنهما مختلفان في كل شيء إلا في العلاقة معه…
علمتُ أنّ شراكات وأموالًا قد عُرضت عليه، فما طمع فيها، وما تردّد في أمرها. ولو شاء لكان من كبار الأثرياء حقيقة لا مجازًا ولكنه غني غنى النفس، لا غنى التصنّع والرياء.
والآن أصبح أبًا لثلاثة أطفال -أو أربعة نسيت😅- وهاجت به الحياة وماجت، وصارت مسؤولياته وتكاليفه كبيرة، وولّى عهد الفراغ والسعة ومطلع الشباب وفتوّته التي كان فيها…
هل انتظرتم أن أُخبركم أنه تغيّر عما كان عليه، وانقلب شخصًا عاديًا!؟
كلا، لم تجعله الأبوّة وأعباء الدهر قاسيًا لاهثًا خلف سراب الحياة، لأنه حجر كريم، لا يزيده الزمان إلا نفاسة وندرة.
لو قرأ كلامي هذا لعجِب، وظنني أتحدث عن شخص لم يره في حياته! أجل، فهو بسيط سلس، لا يشغل نفسه -كما نفعل- بالتحليل والتقييم.
إنه يصِل إلى ثمرات التجارب، ونهايات المتاعب بالفطرة والفراسة، وبتوفيق الله.
هو بطلٌ لا معارك له… وإنّا قد نجد الشجاع الفاتك، لكن أنّى لنا برجل مثل هذا..!!