من مدينة ميونخ القديمة سطعت عائلة روتشيلد -الألمانية الأصل اليهودية الديانة- نجمًا في سماء الثروة والسلطة.
منذ القرن الـثامن عشر، وضع مايَر روتشيلد كبير عائلة روتشيلد (ومعناها: الدرع الأحمر) الأُسس العمليّة والفلسفية لإمبراطورية مالية أوروبية عُظمى.
حدّد مايَر عددًا من القواعد الصارمة لأبنائه في كيفية التعامل مع المال والأعمال. حيث أراد أن تكون الثروة داخل أسرته ولا تخرج عنها، ما دفعه إلى حث أبنائه على الزواج من العائلة نفسها، بحسب مقال نشرته مجلة "ديسكافر" عام 2003.
على فراش الموت ذَكّر مايَر روتشيلد أبناءه الخمسة بوصيته لهم بالتعاون والعمل كفريق واحد للسيطرة على العالم. قال لهم:
- يا أبنائي إن من يسيطر على أوروبا يسيطر على العالم.
- ستسألونني كما فعلتم من قبل: "وكيف نسيطر على أوروبا؟".
- وأجيبكم جازمًا بإجابتي: تسيطرون على أوروبا من خلال تمويلكم للدول، وتوريط حُكّامها بقروض ضخمة، تجعلكم تتحكمون بمصائر هذه الدول، وتُملون عليها ما تريدون.
- الحرب. الحرب يا أبنائي مرحلة ذهبية تُفزع الدول وتُلجئها إلى ديون أبدية خانقة لا نهاية لها.
- نعم، لا تستغربوا. ألم تسمعوا قول شاعرالعرب المتنبي:
بغضّ النظر عن زيادة الكاتب -غير المؤثرة- في القصة، وعى الأبناء الدرس وحفظوه، وانتشروا في أنحاء أوروبا.
ذهب آل روتشيلد إلى: إنجلترا وفرنسا والنمسا وإيطاليا، بالإضافة إلى مركزهم الأساسي في ألمانيا.
توسّع أبناء مايَر روتشيلد تجاريا ومصرفيا، وأصبح بنك آل "روتشيلد" أول بنك عابر للحدود، وركز على تمويل الحكومات، ودعم الصناعات المختلفة.
لكن أخطر الأبناء الخمسة وأنجحهم كان أوسطهم!
الابن الثالث لمايَر روتشيلد: ناثان روتشيلد، الذي انتقل في مطلع القرن التاسع عشر، إلى لندن ليعمل بها، ثم أسس مصرف "إن إم روتشيلد" عام 1810.
طور كثيراً من أعماله بصبر. بدأ بالنسيج، وتجارة السلع، ثم انطلق في الأعمال المصرفية التي ورثها كابرًا عن كابر.
صرافة العملات الأجنبية، والبنوك المصرفية الخاصة، وإدارة الملكيات الكبرى، وعمليات الدمج والاستحواذ والتأمين ورأس المال المخاطِر، والاستثمارات والمعاشات والديون السيادية، وغيرها.
كان ناثان ناجحًا بكل المقاييس، ولم يخيّب ظن أبيه فيه. غير أن نجاحه في أول الأمر لا يعد شيئًا إذا قورن بنجاحه بعد ذلك.
فترته الذهبية كانت أيام الحروب النابليونية، وبالتحديد عندما خرجت جحافل الجيوش البريطانية إلى بلجيكا.
في منطقة واترلو عام 1815، حدثت معركة فاصلة في تاريخ أوروبا. كانت فيها الجيوش البريطانية بالاتحاد مع الجيوش الألمانية البروسية، تصطدم بجيش الامبراطورية الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت.
حضر ناثان روتشيلد المعركة، ورأى الرصاص البريطاني الألماني يحصد الجنود الفرنسيين حصداً، وأدرك أن هزيمة نابليون وجيشه قادمة لامحالة.
وقبل نهاية المعركة، امتطى أسرع حصان في الجيش، واتجه إلى الميناء، وطلب من أهل المراكب أن يحملوه إلى الجزيرة البريطانية.
كان البحر هائجًا جداً، وأدرك البحّارة خطورة ركوب البحر بهذا الوضع، فرفضوا المغامرة بأنفسهم وأموالهم.
كان ناثان مصممًا على المُضيّ إلى لندن بأسرع وقت، فدفع مبلغا كبيرًا من المال ليُغري أحد البحارة ليأخذه بسرعة إلى بريطانيا. تحت تأثير المال قبل البحّار المخاطرة، وحمله إلى بريطانيا.
وصل ناثان إلى لندن.
مباشرة ببدأ ببيع السندات التي بحوزته، وعرض بعض عقاراته في لندن للبيع. ثم افتعل أمرًا غريبًا إذ جلس في الميدان العام في لندن صباحًا يبكي ويشدّ شعره! يسأله عموم الناس عما حصل في واترلو؟ فهم يعرفون أنه كان هناك! فلا يجيبهم إلا بالبكاء والصياح وشدّ الشعر.
أيقن أهل لندن أن نابليون انتصر على جيوشهم، وخافوا من اجتياح إنجلترا قريباً.
ونظراً لسمعة ناثان روتشيلد كمستثمر ورجل أعمال، ومؤثر في صناعة القرار، تشاءم البريطانيون كثيرًا مما رأوه من حاله، وبدأوا ببيع ما بحوزتهم من أوراق مالية وأسهم.
زاد العرض بطفرة مفاجئة، وانعدم الطلب، فأدى ذلك إلى انهيار بورصة لندن!
حدث ما توقعه الماكر ناثان روتشيلد، فأمر سماسرته بشراء جميع السندات والأسهم التي صارت بأسعار زهيدة بخسة.
وبعد أيام، وصلت الأخبار بانتصار بريطانيا وألمانيا، ودَحر فرنسا، وأَسْر نابليون.
شاع الفرح بين أهل إنجلترا، وحل التفاؤل من جديد، وتعافت البورصة في لندن وبدأت في الصعود مرة أخرى، حتى وصلت أسعار الأسهم والسندات إلى قمم غير مسبوقة.
ونتيجةً لذلك، هيمن ناثان روتشيلد على البورصة البريطانية، وصار الهامور الأكبر في أوروبا كلها بلا منازع 🐋.
تضاعفت الثروات بيد ناثان، وصار مصرفه بمثابة بنك مركزي لقارة أوروبا بأكملها. ينقذ بنوكًا وطنية تكاد أن تُفلس، ويموّل مشروعات بنية تحتية، ويساهم مساهمة فعالة، أشعلت فتيل الثورة الصناعية.
وبذلك حقق ناثان وصية أبيه مايَر روتشيلد بالسيطرة على المال والدولة.
ولم يكن إخوته خاملي الذكر. بل على العكس، لقد أَثْروا وأثّروا في أوروبا كلها، حتى اشتهرت مقولة والدتهم: "أبنائي هم الذين يعقدون الحرب والسلم في أوروبا كلها!".
ذكر موقع Investopedia "إنفستوبيديا" ( وهو موقع إعلامي مالي يقع مقره الرئيسي في مدينة نيويورك. يقدم قواميس استثمارية ونصائح ومراجعات وتقييمات ومقارنات للمنتجات المالية) أنه حتى عام 2015، ظلت الحكومة البريطانية تسدد ديونها التي اقترضتها أثناء الحرب مع نابليون لعائلة روتشيلد!
من أشهر مقولات ناثان روتشيلد: "اشترِ عند سماع أصوات المدافع، وبِع عندما تدق طبول النصر".
لا عجب أن يقول ذلك! فأيام الحروب كانت بالنسبة له خير أيام الدنيا وأبركها! ناثان روتشيلد تطبيق حقيقي صارخ للمقولة الشائعة: الأزمات مليئة بالفرص!
- وأجيبكم جازمًا بإجابتي: تسيطرون على أوروبا من خلال تمويلكم للدول، وتوريط حُكّامها بقروض ضخمة، تجعلكم تتحكمون بمصائر هذه الدول، وتُملون عليها ما تريدون.
- الحرب. الحرب يا أبنائي مرحلة ذهبية تُفزع الدول وتُلجئها إلى ديون أبدية خانقة لا نهاية لها.
- نعم، لا تستغربوا. ألم تسمعوا قول شاعرالعرب المتنبي:
مصائب قوم عند قوم فوائد!؟
بغضّ النظر عن زيادة الكاتب -غير المؤثرة- في القصة، وعى الأبناء الدرس وحفظوه، وانتشروا في أنحاء أوروبا.
ذهب آل روتشيلد إلى: إنجلترا وفرنسا والنمسا وإيطاليا، بالإضافة إلى مركزهم الأساسي في ألمانيا.
توسّع أبناء مايَر روتشيلد تجاريا ومصرفيا، وأصبح بنك آل "روتشيلد" أول بنك عابر للحدود، وركز على تمويل الحكومات، ودعم الصناعات المختلفة.
لكن أخطر الأبناء الخمسة وأنجحهم كان أوسطهم!
الابن الثالث لمايَر روتشيلد: ناثان روتشيلد، الذي انتقل في مطلع القرن التاسع عشر، إلى لندن ليعمل بها، ثم أسس مصرف "إن إم روتشيلد" عام 1810.
طور كثيراً من أعماله بصبر. بدأ بالنسيج، وتجارة السلع، ثم انطلق في الأعمال المصرفية التي ورثها كابرًا عن كابر.
صرافة العملات الأجنبية، والبنوك المصرفية الخاصة، وإدارة الملكيات الكبرى، وعمليات الدمج والاستحواذ والتأمين ورأس المال المخاطِر، والاستثمارات والمعاشات والديون السيادية، وغيرها.
كان ناثان ناجحًا بكل المقاييس، ولم يخيّب ظن أبيه فيه. غير أن نجاحه في أول الأمر لا يعد شيئًا إذا قورن بنجاحه بعد ذلك.
فترته الذهبية كانت أيام الحروب النابليونية، وبالتحديد عندما خرجت جحافل الجيوش البريطانية إلى بلجيكا.
في منطقة واترلو عام 1815، حدثت معركة فاصلة في تاريخ أوروبا. كانت فيها الجيوش البريطانية بالاتحاد مع الجيوش الألمانية البروسية، تصطدم بجيش الامبراطورية الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت.
حضر ناثان روتشيلد المعركة، ورأى الرصاص البريطاني الألماني يحصد الجنود الفرنسيين حصداً، وأدرك أن هزيمة نابليون وجيشه قادمة لامحالة.
وقبل نهاية المعركة، امتطى أسرع حصان في الجيش، واتجه إلى الميناء، وطلب من أهل المراكب أن يحملوه إلى الجزيرة البريطانية.
كان البحر هائجًا جداً، وأدرك البحّارة خطورة ركوب البحر بهذا الوضع، فرفضوا المغامرة بأنفسهم وأموالهم.
كان ناثان مصممًا على المُضيّ إلى لندن بأسرع وقت، فدفع مبلغا كبيرًا من المال ليُغري أحد البحارة ليأخذه بسرعة إلى بريطانيا. تحت تأثير المال قبل البحّار المخاطرة، وحمله إلى بريطانيا.
وصل ناثان إلى لندن.
مباشرة ببدأ ببيع السندات التي بحوزته، وعرض بعض عقاراته في لندن للبيع. ثم افتعل أمرًا غريبًا إذ جلس في الميدان العام في لندن صباحًا يبكي ويشدّ شعره! يسأله عموم الناس عما حصل في واترلو؟ فهم يعرفون أنه كان هناك! فلا يجيبهم إلا بالبكاء والصياح وشدّ الشعر.
أيقن أهل لندن أن نابليون انتصر على جيوشهم، وخافوا من اجتياح إنجلترا قريباً.
ونظراً لسمعة ناثان روتشيلد كمستثمر ورجل أعمال، ومؤثر في صناعة القرار، تشاءم البريطانيون كثيرًا مما رأوه من حاله، وبدأوا ببيع ما بحوزتهم من أوراق مالية وأسهم.
زاد العرض بطفرة مفاجئة، وانعدم الطلب، فأدى ذلك إلى انهيار بورصة لندن!
حدث ما توقعه الماكر ناثان روتشيلد، فأمر سماسرته بشراء جميع السندات والأسهم التي صارت بأسعار زهيدة بخسة.
وبعد أيام، وصلت الأخبار بانتصار بريطانيا وألمانيا، ودَحر فرنسا، وأَسْر نابليون.
شاع الفرح بين أهل إنجلترا، وحل التفاؤل من جديد، وتعافت البورصة في لندن وبدأت في الصعود مرة أخرى، حتى وصلت أسعار الأسهم والسندات إلى قمم غير مسبوقة.
ونتيجةً لذلك، هيمن ناثان روتشيلد على البورصة البريطانية، وصار الهامور الأكبر في أوروبا كلها بلا منازع 🐋.
تضاعفت الثروات بيد ناثان، وصار مصرفه بمثابة بنك مركزي لقارة أوروبا بأكملها. ينقذ بنوكًا وطنية تكاد أن تُفلس، ويموّل مشروعات بنية تحتية، ويساهم مساهمة فعالة، أشعلت فتيل الثورة الصناعية.
وبذلك حقق ناثان وصية أبيه مايَر روتشيلد بالسيطرة على المال والدولة.
ولم يكن إخوته خاملي الذكر. بل على العكس، لقد أَثْروا وأثّروا في أوروبا كلها، حتى اشتهرت مقولة والدتهم: "أبنائي هم الذين يعقدون الحرب والسلم في أوروبا كلها!".
ذكر موقع Investopedia "إنفستوبيديا" ( وهو موقع إعلامي مالي يقع مقره الرئيسي في مدينة نيويورك. يقدم قواميس استثمارية ونصائح ومراجعات وتقييمات ومقارنات للمنتجات المالية) أنه حتى عام 2015، ظلت الحكومة البريطانية تسدد ديونها التي اقترضتها أثناء الحرب مع نابليون لعائلة روتشيلد!
من أشهر مقولات ناثان روتشيلد: "اشترِ عند سماع أصوات المدافع، وبِع عندما تدق طبول النصر".
لا عجب أن يقول ذلك! فأيام الحروب كانت بالنسبة له خير أيام الدنيا وأبركها! ناثان روتشيلد تطبيق حقيقي صارخ للمقولة الشائعة: الأزمات مليئة بالفرص!