random
جاري التحميل ...

سيڤي كوفي 2



شاعت القهوة في أوروبا بعد حصار ڤيينا كما ذكرنا. وإن كانت قد عُرفت قبل ذلك بواسطة الهولنديين ومستعمراتهم في إندونيسيا، الذين جلبوها معهم إلى بلادهم. وبجهود شركة الهند الشرقية التي كانت جوهرة التاج البريطاني، إذ سمحت لها مستعمراتها في أنحاء العالم من التعرف على القهوة واستخدامها.


لم يستقبل الأوروبيون القهوة بالترحاب أول الأمر، وتوجّسوا منها شرًا، وأثار حذرهم هذا المشروب الشرقي الجديد. لاسيما أن الصراع السياسي بين الدولة العثمانية وأوروبا كان على أشده، مما لعب دورًا كبيرًا في الارتياب من أي شيء يأتي من المشرق.

في فرنسا كتبت مدام دي سيڤيه في رسائلها الأدبية لابنتها: وإياك يا بنتي أن تقربي هذه القهوة “Kaffe”، إنها لا تتناسب أبدًا مع الحضارة الفرنسية، بالإضافة إلى ضررها المؤكد. واذكري أن الأميرة "هانو" قد ماتت لأنها تشرب القهوة!!

وفي إنجلترا دخلت القهوة مبكرة، في النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي، ولم ينتصف القرن السابع عشر إلا ومقاهي القهوة شائعة جدًا، حتى صارت ملتقى للمفكرين والأدباء، والمناقشات الدينية والسياسية. لم تكن مسيرة القهوة في صعود دائم. فبعد انتشارها زمنًا، أصدر الدوق باكنغهام قرارًا حازمًا بمنع البن في انجلترا، ولم يقتنع إلا بعد رسالة دكتوراه حضر مناقشتها تكلمت عن فوائد القهوة للمعدة، وقد كان الدوق يشتكي من آلام المعدة.


بالمناسبة رسالة الدكتوراه القديمة هذه، نوقشت في جامعة أكسفورد، وتناولت موضوعات متباعدة، إذ كان عنوانها: "استخدام التوتيا الزرقاء في علاج العيون، وأثر النبيذ على الكبد، وأضرار الاستحمام في المجاري المائية داخل لندن، واستخدام المشروب العربي القهوة في علاج آلام المعدة"!! كما ترون من كل بحر قطرة.

شاع في أوروبا حظر النساء من المقاهي وعدت القهوة مشروبًا ذكوريًا بامتياز، إلا أن هذا الأمر لم يكن عامًا في كل أوروبا، فقد رأينا في السير الألمانية، كثيرًا من النساء يرتدن المقاهي، ويتناولن القهوة. على خلاف العرف الإنجليزي الذي التزم الصبغة الرجولية للقهوة. 

في ألمانيا عشق الملحن والموسيقار المشهور بيتهوفن القهوة جدًا. وكان مهووساً بها، على ما يبدو، إذ كان يعد حباتها حبةً حبة كل صباح، ويطحنها بنفسه. سمع الأستاذ عارف حجاوي (وهو شخص رائع متعدد المواهب، مؤلف وإعلامي وملحن) هذه المعلومة فأثارته، وبحث عن عدد حبات القهوة التي كان يطحنها بيتهوڤن، ووجدها في كتاب ألماني قديم باللغة الألمانية، وكانت 60 حبة.

ومع نهاية القرن الثامن عشر، انتشرت القهوة في كل أوربا وتنوعت طريقة صنعها ومكوناتها بين خضراء وشقراء وسوداء، وبالسكر واللبن والحليب، وغير ذلك.

في الأمريكتين، تزرع القهوة وتستهلك بكميات كبيرة. وبالرغم من أن زراعة القهوة لم تبدأ في البرازيل إلا في القرن الثامن عشر، غير أنه وبعد عدة عقود أصبحت البرازيل تنتج حوالي ثلث القهوة في العالم. وإلى اليوم تعد البرازيل أول دولة منتجة للقهوة، وتتبعها فيتنام وكولومبيا.
وفي عام ١٩٢٩ كانت البرازيل تبحث عن حل يساعدها في تصريف فائض القهوة في البلاد. هذا التحدي أثمر بعد سنوات من الأبحاث الدقيقة إلى منتج جديد من القهوة، وهو القهوة الفورية، قهوة ماركة نسكافيه!

لا يعني كون البرازيل تنتج القسم الأكبر من القهوة، أنها أكثر الدول استهلاكًا لها. الواقع أن فنلندا أكثر دولة تستهلك القهوة كمعدل فردي، إذ يبلغ متوسط ما يشربه الفرد الفنلندي حوالي 12 كيلوغرامًا من القهوة سنويًا، مما يعادل حوالي 1680 كوبًا كل سنة.

عن الكاتب

Tariq Al Khamis

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

طارق الخميس