random
جاري التحميل ...

ليلة باردة


الأثنين January 2,2023

ليلة باردة مطيرة.


قد تكون هذه الليلة أبرد ليلة ‏في السنة بالنسبة لي. ‏ليس فقط  لأنّ درجة الحرارة نزلت عن ثمانِ درجات مئوية، ‏ولا لأنّ المطرَ يهطلُ فيها منذ اثنتي عشرة ساعة على الأقل، بل لأن منزلي فارغٌ من الأثاث تقريبا، ‏فأنا في مرحلة تغيير سكن ونقل إلى بيت جديد، ‏والكراتين تدخل بيتي فارغة وتخرج منه ممتلئة ‏تحتاج إلى شريط لاصق لكي لا تتمزق. ‏


كنت أنوي التخلص من هذه المرحلة بأسرع وقت ممكن، ‏لكن المطر المنهمر كان له رأي آخر. وكما يقول المعلم أبو كمال فإن النقل في أوقات المطر قد يعرض الأثاث إلى التلف أو ‏إلى مرض لا يرجى برؤه.


‏كما قلت لكم بيتي خالٍ من كل شيء إلا أني حرصت أن أُبقي بعض الكتب في حوزتي، استخرجتها من الكرتون وجعلتها في شنطة اللابتوب التي ترافقني، أخرجت واحدًا وفتحته وبالمصادفة وجدت هذه القصة ‏الغريبة التي لا تصدق. ‏والمصادفة التي أعنيها هنا أن القصة كانت تتكلم عن ليلة باردة كالليلة التي كنت أقرأ فيها.


باختصار تقول ‏القصة:

‏قال ياقوت - وإذا قيل ياقوت فهو ياقوت الحموي لا غيره - ‏حكايةً عن رجل يعرفه،

قال: كان لوالدي صاحب يقال له أبو طالب وكان مشهورًا بالكذب ‏حكى في مجلسه والناس حضور عنده أنه كان في معسكر القائد محمود بن سبكتكين ببخارى في ليلة شاتيةٍ، ‏وقد جاء من البرد أمر عظيم، حتى كان الناس ينزلون في المعسكر ولا يسمع لهم صوت ولا حديث ولا حركة، حتى ضرب الطبول لا يُسمع! ‏فإذا أصبح الناس وطلعت الشمس وحميت ذاب ‏ذلك الكلام ف‏سمعت الأصوات الجامدة منذ أمس ‏من أصوات الطبول والأبواق، وحديث الناس وحركتهم، ‏وصهيل الخيل، ونهيق الحمير، ورغاء الإبل!


‏لا أُنكر أنني قرأت الخبر وأنا بين اليقظة والنوم إلا أنني أطلقتُ ضحكة قصيرة، وتعجبت من ذكاء أبي طالب وجرأته على الكذب، وقدرته على اختلاق هذه القصة، ‏وتأكدت أن العيش مع الناس والتواصل معهم، ‏يحتاج إلى تجارب وقصص، وقليل من البهارات، ‏وشخص حكواتي أو "Big Mouth".


‏لكن مع كل ما يُقال في الشتاء من هجاء، أعتبره من أجمل فصول السنة، وهو فرصة للاستمتاع بالليالي الطوال والأجواء الباردة، والأمطار والأكلات الدسمة والحنيني والسحلب.


 ‏أعاد الله علينا الشتاء ونحن بصحة وعافية أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة.



عن الكاتب

Tariq Al Khamis

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

طارق الخميس