random
جاري التحميل ...

تجربتي في الإنجلش 1



سأبدأ القصة من أولها من "طقطق للسلام عليكم"...

درست في الابتدائية والمتوسطة في مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم بالدرعية. أيامها كانت اللغة الإنجليزية لا تُدّرس إلا في المرحلة المتوسطة، ولم تكن لنا عناية كبيرة بها للأسف.
 نعم هي مادة أساسية، والنجاح فيها مطلوب، وهي ليست من المواد التي يُتسامح فيها بالحد الأدنى من الدرجات، لكننا كنا ننجح فيها ونحن نكاد لا نعرف شيئاً منها، حتى إننا تواطأنا على طريقة في الإجابة على أسئلة اختبار اللغة الإنجليزية، وصارت عندنا كالعرف العام، وهي أن نأخذ النصف الثاني من السؤال، ونودعه صلب الإجابة، ونضع قبله (Do أو Did)، ونعد أنفسنا بلابل في اللغة إذا صدف وكانت إجابتنا صحيحة!

أذكر أنني درست أول مرة اللغة الإنجليزية في الصف الأول المتوسط، حدث بعض الخلل في تلك السنة، ولم يتوفر معلم للغة الإنجليزية في المدرسة. مضت الأيام وتأخر تعيين معلم للغة الإنجليزية جدًا، فاستعانت المدرسة بمعلم متعاون لا يمارس التعليم أصلًا، كان هنديًا أوباكستانيًا حسب ما أذكر، وكان لا يحسن من العربية شيئاً ألبتة!

لك أن تتخيل حالتنا المزرية، طلاب مصابون بالبكم في اللغة الإنجليزية ويدرسونها لأول مرة، ثم يأتيهم معلم لا يعرف شيئا عن اللغة الوحيدة التي يتقنها هؤلاء الطلاب وهي العربية! كيف سيكون وضعهم معه! وكيف سيتواصل معهم أصلًا!؟

في المرحلة الثانوية درست اللغة الإنجليزية بحرص واجتهاد، حتى إنني في الصف الأول الثانوي نلت الدرجة النهائية 100\100 وقال لي حينها المعلم عبد الستار: "أنت كنت جايب 99 وأنا جبرتها لك 100" جزاه الله خيرًا!

 في الصف الثاني والثالث الثانوي بذلت جهوداً جبارة وكنت أحفظ بعض مواضيع التعبير التي يحددها المعلم عن ظهر قلب، وإذا رأيتها في الاختبار بدأت أفرغ ما حفظت على الورقة الإجابة، وإن كان حالي أنني كنت لا أفقه كثيرا مما أكتب، إنما هو ترديد ببغائي! استعنت أيامها بقاموس ناطق، ولا أنكر أنني استفدت منه كثيراً، إذ كان الأستاذ مشعل يحب صفحة المفردات (Vocabulary) ويسألنا فيها أسئلة كثيرة.

ذكرك الله بالخير يا أستاذ مشعل، كان طيب القلب متغافلًا، أجزم أنه كان يعلم أن الطلاب في الصفوف الخلفية، كانوا يسرون إلى بعضهم بالإجابات غشًا أثناء الامتحان وكان يعرفهم لكنه يقول لهم : "اصص اصص تراي أسمع أصواتكم خلوكم هادين!؟ كان يصمتهم ولا يعطي الموضوع اهتمامًا كبيرًا.

هكذا انقضت سنوات دراستي في التعليم العام، وكان مستواي عادياً، بل كنت مبتدئًا في اللغة الانجليزية، حققت درجات عالية، لكنن مستواي اللغوي لم يتجاوز المرحلة التأسيسية أبدًا.


نقطة التحول الكبرى

كانت دراستي في السنة التحضيرية في جامعة الملك سعود هي العلامة الفارقة في مسيرتي في اللغة الإنجليزية. 
بدأت الجامعة بحماس كبير ، راهنت الجامعة على برنامج السنة التحضيرية الجديد، وأنشأت له مبنىً جديدًا، وطاقمًا مميزًا. إذ كانت الجامعة تعاني من سوء مستوى الطلاب الجدد المتخرجين من التعليم العام، فعقدت الجامعة العزم على رفع مستوى الطلاب وخاصةً في اللغة الانجليزية. فقد خصصت لتعليم اللغة الإنجليزية 4 ساعات يوميًا! 

نعم الرقم صحيح، أربع ساعات يوميا بمجموع 20 ساعة في الأسبوع! كانت تشتمل على مهارات اللغة الإنجليزية جميعها: القراءة والاستماع، والمحادثة والكتابة. كنت أدرس كل يوم محاضرة مقسومة على شقين، يدرسها لنا مدرس أجنبي، أمريكي أو بريطاني، حتى يكاد الانجلش يخرج من مناخرنا لكثرة ما نتلقاه ونردد كلماته!

 هذا البرنامج أطلق لدي الشرارة الأولى، ونما الفضول في نفسي، وقررت أن أتقن هذه اللغة العصية، فقد اقتنعت بأهميتها العظمى ورأيت أن من يتقنها يملك مفتاحًا سحريًا يمكنه من فتح الكثير من الأبواب الموصدة، إضافة إلى أنني محب للاطلاع، وعندي فضول المعرفة بشكل عام، ولسان عالمي جديد كهذه اللغة سيمكنني من تحقيق ذلك.

مع كر الأيام ومرورها، بدأنا نشعر بفرق في المستوى، رأيت تقدمًا ملحوظًا من الشهر الأول، وصرت أقرأ وأفهم بعض الجمل بشكل واضح مستقر، ونمت لدي قدرة على التعبير، جعلت المعلم يشيد بي كثيراً، مما زرع في نفسي المزيد من الثقة.

أنا شخص لا يقتنع بسهولة بأي شيء، ولا يروق لي أي شيء، لكن إن حدث وراق لي شيء ودخل مزاجي، فإنني أحلبه حلبًا عظيما، وأغرق في تفاصيله حتى النخاع، وتراه يملأ علي حياتي كلها. أذكر أنني طالعت تاريخ المسيحية القديم واستهواني كثيرًا، وكنت مهتمًا بما جرى أيام العيسوية المبكرة، حتى إنني كنت أسمي بعض أصحابي: بطرس وسمعان ومتـّى وبولس!! وليس ذلك إلا لأنني ملأت حياتي بالاطلاع بهذا الأمر حتى صار ديدني وشغلي الشاغل. حصل ذلك أيضًا مع اللغة الإنجليزية، وجرى بعد السنة التحضيرية ماء كثير في نهر تطوري اللغوي.


ماذا حصل؟

سمعت من بعض الناس - وأظن أنني قرأت أيضًا - نظرية تقول أن الإنسان الذي يتميز في لغة ما، يسهل عليه التميز والنجاح في أي لغة أخرى. 
لأن الذكاء اللغوي ذو طبيعة واحدة، ولأن مطاوعة اللسان لا ترتبط بلغة دون أخرى. وقد كنت بلا شك متميزًا في اللغة العربية، لا أذكر أنني عانيت من التفوق في موادها أبداً. كنت مبرزًا في التعبير والقراءة والنحو، حتى إن المعلم أحياناً يعطيني درجة كاملة بدون أن ينظر في ورقتي، أو يمر عليها مرورًا سريعا ولا يدقق فيها، ويرقم الدرجة الكاملة ولا يتردد.

 صدقت تلك النظرية وآمنت أنني قادر على تحقيق أعلى المستويات في اللغة الانجليزية. وبدأت أدرس وأتعلم وأقرأ، لم يكن البودكاست شائعًا حينها، كنت أستعين باليوتيوب العظيم، وأقرأ القصص الرائعة من الأدب الكلاسيكي بالذات، وقد أحببت سلسلتي: oxford bookworms و penguin، لأنهما مخصصتان للقراءة المتدرجة في مستويات اللغة الإنجليزية، واستمر الحال على هذا مدة من الزمن.

بعد ذلك وقعت بالصدفة على مدرس للغة الانجليزية، ناطق أصلي يعطي دروساً خاصة في بيته وقد أنشأ فيه شبه معهد مستقل يدرس الناس أفرادًا ومجموعات. رأيته ويا للعجب، بمجرد ما وقعت عيناي على هذا المدرس، أحسست أن حلمًا قديما نُبش في عقلي. كان هذا الرجل صديقًا قديما لابن عمي، وكنت أذكر أن أطفاله كانوا يزوروننا في البيت ويلعبون معنا، وربما قضوا ليلة أو ليلتين في بيتنا.

عرفني ورحب بي كثيرًا، وشعرت أنه يحبني لشدة ما كان يحب ابن عمي. بدأت في الدراسة معه، وكان شديدا حازمًا لا يتساهل في زجر الطلاب عند التقصير، وتوبيخهم إذا اقتضى الأمر. كان يرسل الواجبات تترى كأن الطلاب متفرغون للدراسة عنده، مع أنني أيامها كنت في الكلية في المستويات الأخيرة منها. وربما أتيته يوما واصطحبني إلى السوق وجعلني أتفاهم مع البائع باللغة الإنجليزية لشراء بضاعة، أو لإرجاع أخرى، وكان كثيرًا ما يفعل.

نقلني الالتزام معه نقلة نوعية أخرى خاصة في مهارتي: القراءة والكتابة، حيث كتبت وقرأت معه مئات الصفحات، واطلعت على مصادر كثيرة لتقوية اللغة الانجليزية.
كان دقيقا في التصحيح لا يتساهل فيه، انقلب لون دفتري معه إلى اللون الأحمر لكثرة ما يصحح لي ويلاحظ. درست معه الكثير من مواضيع اللغة الإنجليزية، وبلغ به الحال أن درسني كتابًا للغة الإنجليزية التطبيقية يدرس في المرحلة المتوسطة في ولاية أمريكية!؟


لم تنته القصة بعد. في التدوينة التالية سأخبركم عن قصتي مع الآيلتس وكيف حصلت عليه قبل ثلاثة أشهر

عن الكاتب

Tariq Al Khamis

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

طارق الخميس