random
جاري التحميل ...

أنا أدرى

 

كل إنسان منا له خصائص تميزه عن غيره، صفات خاصة تجعله نسخة فريدة لا يتطابق منها اثنان في الوجود. عاداته، وميوله، محبوباته ومكروهاته، الأشخاص الذين يميل لهم والأشخاص الذين لا يستطيع تحملهم.

لو وجهتَ إلي سؤالًا مباشرًا وقلتَ: من هم الأشخاص الذين لا تتحملهم في حياتك؟ لقلتُ لك بلا تردد: مدعي المعرفة، الذي يظن أنه بكل شيء عليم وعلى كل معضلة قدير، هذا لا أتحمله و"لا أبلعه وما ينزل من زوري".

صحيحٌ أن البشر فيهم من هو أسوأ من هذه الشخصية، كالمجرمين والقساة، والسايكو؛ لكنني أشعر أن هؤلاء يعرفهم الناس ويعانون من سوء شخصياتهم وقبحها، ولا أتوقع أن عاقلاً سويًا يتحملهم أو يبلعهم! على عكس مدعي المعرفة "اللي مسوي فاهم" يكون مظهره عادياً وسلوكه طبيعياً، ولا يشي بسوء ولا عدوانية واضحة.

 تحضر مناسبةً او اجتماعًا، تجده جالسًا في المجلس - دائمًا مبكر ولا يتغيب عن أي لقاء - واضعًا رجلاً على رجل، يشارك في كل الحوارات، ويعقّب على كل المداخلات، يكثر من قول: لا، ما عندك سالفة، مالك لوا، لالالا…الخ. لو سألته عن العلاقات التجارية بين الدولة الأخمينية الفارسية، وامبراطورية الهند الصينية في القرن السادس قبل الميلاد!؟ لقال مباشرة: ايه، هذي معروفة، كذا وكذا وكذا!

استغرب كثيراً منه، ليس عنده حَيرة في أي موضوع! يستطيع بكل سهولة ووضوح الوصول لحلول جميع المشاكل التي أرهقت الناس، وأزعجت مسؤولي الحكومة، وأنفقوا من أجلها الملايين. 
فمثلا: لو تطرق الحديث لمشكلة اجتماعية، أو تنظيمية، تجده يصرخ قائلاً: لو يسوون كذا، أو يمنعون كذا، كان كل الأمور انحلت، مافيهم أحد يفهم! يشعرك انه يستطيع اختراق الحجب، وتجاوز مراحل الارتقاء البشري بغمضة عين! ماشاء الله عليه.

والبلوى كل البلوى إذا كان هذا المدعي واثقاً ومهذاراً، فكلما ازدادت ثقته، ازداد بغضي وقرفي، وعلق في زوري أكثر وأكثر، حتى لا يحركه لترٌ من الماء.

أرجع إلى نفسي وأقول: ربما اشتد غيظي من هذه الشخصية، لأنها تستهين بكرامة البشر وعقولهم بطريقة غير مباشرة، وتدعي ضمنيًا أنها أحسن منهم وأفهم وأعلم، وأن الآخرين أقل منها وإن لم تصرح بذلك. 

وهذا يجعلني اشمئز منها وأتمنى ألا يجمعني بها مصعد (اصنصير) متعطل حيث لا مفر. رحم الله الشافعي إذ يقول: كلما أدّبني الدهر أراني نقص عقلي، وكلما ازددت علمًا زادني علماً بجهلي.

عن الكاتب

Tariq Al Khamis

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

طارق الخميس